مساحة اعلانية

موضوع عشوائي

آخر المواضيع

نحو تدريس فعّال.. نظرة إلى معاهدنا العلمية(4)

نحو تدريس فعّال.. نظرة إلى معاهدنا العلمية
(الجزء الرابع والأخير)


المعلم :
يعتبر المعلم ( مهندس ) العملية التعليمية ؛ فعلى حسب تأهيله وخبرته وإخلاصه تكون الدروس فعّالة مثمرة ، أو مملة ومحدودة الفائدة . لذا نود تسجيل النقاط الآتية :
* لا يكفي لنجاح المعلم أن يكون ملماً بفنه الذي يدرسه ؛ بل لا بد من توفر صفات كثيرة قوامها الإخلاص والتقوى كي ينفع الله بعلمه ، كما قال الشافعي : « ليس العلم ما حُفِظ ؛ العلم ما نفع ! » [16] .
* ينبغي هنا التأكيد على المعلم بأهمية التخطيط الجيد لكل درس ، ويحتاج المعلم في الجملة إلى نوعين من أنواع الخطط :
الأول : التخطيط العام ، وهو ما يسمى ( توزيع المنهج ) [17] .
الثاني : التخطيط لكل درس .والتخطيط بأنواعه المختلفة مهم ، ومفيد للمعلم فهو :
1 - يوفر للمعلم الأمن والطمأنينة النفسية ؛ فالمعلم الذي خطط للتدريس تخطيطاً جيداً يظل بعيداً عن التوتر والقلق ، واثقاً من أدائه ، مطمئناً للخطوة التي هو مقبل عليها .
2 - يوفر للمعلم خبرة تعليمية ، فيبدأ بالأهم ، ويعرف متى يجب عليه أن ينتقل إلى خطوة قادمة .
3 - يتيح للمعلم التغلب على صعوبات التعلم والفروق الفردية بين الطلاب .
4 - يوفر للمعلم استراتيجية للتعليم ، وأسلوب عمل في التدريس .
وفيما يلي بعض العوامل التي تساعد على رفع مستوى التخطيط لدى المعلم :

أولاً : أن يكون التخطيط كتابياً قدر الإمكان ، وهذا يفيد المعلم أثناء الشرح ، وبعده عند تقويم عمله وتقويم خطته التدريسية ، ويفيده أيضاً عند وضع أسئلة التقويم الختامي ( الاختبارات النهائية ) .
ثانياً : أن يعمل المعلم على تطوير اتجاهاته في التخطيط ، وذلك بقراءاته التربوية المتنوعة في هذا الموضوع ، واشتراكه بالدورات التربوية المتخصصة ، وقبل ذلك كله يجب عليه أن يتابع أداءه باستمرار ، ويحاول أن يرفع من مستواه التربوي والتعليمي .
ثالثاً : أن يخصَّص للمعلم الوقت الكافي للتخطيط ، فإذا كنا نريد من المعلم أداءً جيداً فلنمنحه وقتاً كافياً ، وإذا أردنا منه أن يمارس ثلاث ساعات تعليمية في اليوم فلنمنحه مثلها ليُعد ويخطط ، وينفذ أنواع الأنشطة .
* « لا بد من تدريب المعلم تدريباً مستمراً ليواكب ما يدور حوله في العالم ، من وسائل وطرائق وتكنولوجيا وغيرها من مستجدات ، في عصرٍ يوصف بعصر الانفجار المعرفي . وغني عن القول أن المعلم الذي يتوقف عن المواكبة والمتابعة والتجديد ، ومن ثم الابتكار والإبداع في طرائقه يسعى بقدميه إلى تحنيط نفسه في قوالب الطرق النمطية القديمة التي كان يدرِّس بها الناس قبل خمسين سنة خلت ، ويجد نفسه بعد فترة أنه قد تجاوزه الزمن وأصبح خارج خارطة التقدم البشري ، وحينها يصبح اللحاق أمراً عسيراً إن لم يكن مستحيلاً » [18] .
المتعلم :
المتعلم هو أهم عناصر العملية التعليمية ؛ حيث تُسخَّر جميع عناصر العملية التعليمية من أجله ولخدمته ، والمعلم الفعّال لا يقاس بأسلوبه وطريقته ، أو بالأدوات والوسائل التي يستخدمها ، بل بسلوك تلاميذه والخبرات التي معهم [19] .لذا كان لا بد من معرفة حاجات التلاميذ لإشباعها ، ومشكلاتهم والمعوقات التي تحول بينهم وبين التعلم الفعَّال لحلها والتخلص منها ، ولا بد من زيادة دافعية الطالب للتعلم .
ولإيجاد دافعيّة قوية لدى الطالب لا بد من مراعاة أمور منها :
1 - المعهد العلمي ( مدرسة ، جامعة ، مسجد ... ) : مظهره الداخليوالخارجي ، ومظهر غرفة الدراسة ونظافتها . وراحة الطالب فيها وحبه لها . وهذا يوجب على معاهدنا العلمية إعادة النظر في ( الضرب ) وتقنينه بما يعود على الطالب بالفائدة خاصة في زمن قلَّت فيه الحوافز وكثرت الملهيات ، وتخلى كثير من أولياء الأمور عن تربية أبنائهم .
2 - المقرر ( الكتاب ) : يحتاج المعلم ( أو المعهد ) إلى تفكير عميق ودراسة واسعة عند اختيار الكتاب المناسب لقدرات الطلاب .
3 - تعزيز السلوك لدى المتعلم ، وعلى المعلم معرفة أنواع التعزيز ، وطرقه ، ليحفز الطالب دوماً نحو التعلم [20] .
4 - التشويق والتنويع في عرض المادة ، وكلما كان عرض الدرس بطريقة غير مألوفة كان ذلك أدعى لرسوخه في أذهان الطلاب . ومن ذلك تكثيف الأنشطة المتعلقة بالمادة العلمية المدروسة .
5 - ترغيب المتعلم بطلب العلم ؛ وذلك ببيان فضله ، وإشعاره بحاجته إليه .
6 - قبول الطالب للمعلم وثقته به وحبه له ، وقد سبقت الإشارة إلى السمات المهمة في المعلم .
7 - جلساء الطالب في المعهد العلمي يؤثرون على دافعيته للتعلم .
8 - المنزل بعجره وبجره ، وللأسف فالبيت أصبح لا يساعد المعهد العلمي في كثير من الأحيان في أداء رسالته ، بل يهدم في لحظات ما بناه المعهد في سنوات ، ووسائل الإعلام ، وسائر الملهيات تتحمل المسؤولية العظمى في تقليل دافعية الطالب للتعلم .
9 - المجتمع ، والشارع ، والأندية الرياضية تكمل ما تبقى ، وتلتهم بقايا الجد لدى الطلاب ، ثم يسلم بعد ذلك للمعهد ، ويطالب بالتعلم والجدية ! ! فإن أخفق المعهد في إحياء روح أماتتها المسلسلات الماجنة ، والصور العارية ، وإيقاظ نفسٍ أنهكها طول السهر وكثرة اللهو ، رمي بالتقصير ؛ لأنه لم يستطع إحياء الموتى ! !
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ولكن لا حياةَ لمن تنادي ! !
ولو ناراًَ نفختَ بها أضاءت ولكنْ كنتَ تنفخ في رمادِ .

=================الهوامش:
(16) تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم ، ابن جماعة الكناني ، 41 108 ، 133 135 وينظر في الصفات اللازمة للمعلم الناجح : محمد بن عبد الله الدويش : المدرس ومهارات التوجيه ، 43 72 ، محمد عبد الرحيم عدس : المعلم الفاعل والتدريس الفعّال ، ص 45 54 ، 81 ، 86 ، 100 ، 207 213 د إبراهيم مطاوع ، د واصف عزيز : التربية العملية (مرجع سابق) ، ص 23 ، 24 ، 81 93 وغيرها كثير .
(17) بعض دروس المساجد تفتقد هذا النوع من التخطيط ، فغالباً ما يبدأ المعلم بتدريس متن لا يعلم متى ينهيه ! ! وربما تغير الكتاب المقرر عبر (السنين) مما يشعر بشيء من التخبط والفوضوية .
(18) تكنولوجيا التعليم ، د عبد الرحمن كدوك ، (مرجع سابق) ، ص 132 .
(19) المعلم الفاعل والتدريس الفعّال ، محمد عبد الرحيم عدس ، ص 37 .
(20) علم النفس التربوي ، د عبد المجيد نشواتي ، ص 281 312 .

الكــاتــب

ليست هناك تعليقات:

أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة الباقي