مساحة اعلانية

موضوع عشوائي

آخر المواضيع

أزمة النخبة الإسلامية

أمالي الزنيدي.. في الثقافة الإسلامية((8))*

إن النخبة الإسلامية تعيش الآن حالة أزمة أو ارتباك أو استبصار بمعنى أنه توقف ٌعند هذه النخبة.. كلٌ يحكم عليه من زاوية فبعضهم يسميها أزمة والبعض يسميها ارتباك..
هذه الحالة لها عديد من العناصر إذا جمعت يمكن أن نقول إنها أزمة، وهذه العناصر:
1) الركود المنهجي:
ويعني عدم تطوير المنهج الثقافي تبعا لتطورات الأحوال..
لقد مرت النخبة الإسلامية بظروف خاصة في بداية القرن العشرين حتى الثلث الأخير منه.. كان فيها الاستعمار، وموجة التغريب، والحداثة، والمد اللبرالي، واليساري، ثم الدول الوطنية التي ظهرت بأيدلوجيات متنوعة لكن يجمعها - إذا استثنينا المملكة وموريتانيا - أنها لا تحتكم للشريعة الإسلامية وأنها تمارس ضغطاً مناوئاً لدعاة الإسلام على المستوى الثقافي (من نُخَبِها العصرانية) أو السياسي، وقد اقتضت هذه الوضعية من النخبة الإسلامية في ذلك الوقت نمطاً منهجياً معيناً، كان من أبرز سماته:


  • أنه منهج شعارات وتعبئة: يعتمد الوعظية (الترغيب، الترهيب) لأنه كان يستهدف رد الشاردين عن الدين إلى دينهم، فكان معنياً ببيان مخاطر الغزو الثقافي والتغريبي، ومخاطر البعد عن دين الله مع التأكيد على صلاحية الإسلام ليحكم الحياة..
  • الرفض للوافد الغربي: لأنه - أي الوافد الغربي - استجمع عناصر تدفع إلى هذا الموقف، منها: أنه وافد من بيئة كافرة، وأن المسوِّقين له من المنسلخين عن دينهم، وأنه مطلوب تطبيقه عند المسلمين بالصورة التي كانت عند الغرب.. وأن النخبة الإسلامية لم يكن لديها القدرة على الفرز من الوافد.
  • فكرية الإصلاح: فكان الهدف رد الناس إلى الدين، والتركيز على الجانب الفكري دون التطبيقي.
  • مواجهة الإقصاء: في ذلك الوقت كان هناك إقصاء يمارس ضد النخبة الإسلامية (سياسي، إعلامي، ثقافي) هذا الإقصاء أوجد مسلكاً سائداً لدى هذه النخبة في العملية التثقيفية وهي الانحصار بشرائح محدودة (طلاب مع شيخ، أو مجموعات أسرية لحركات دعوية، أو طلاب أنشطة في مدارس..) وهذا ألزمَهم بسلوك الأسلوب التدريسي، ومن جهة أخرى فإن هذا الصدام ولّد منهجية اتسمت بالمواجهة من قبل الإسلاميين(مع الدولة، مع العصرانيين..)، والمشكلة صبغ هذا المنهج بصبغة الإسلام، أي أنه ليس منهجاً مرتبطاً بمرحلة وإنما هو منهج الإسلام .. وبالتالي فإن من قارب الدولة أو شارك في أنشطتها اعتُبر – من خلال هذه المنهجية – مخالفاً ومبعَداً.
هذا المنهج بهذه السمات نضج في فترة معينة إما للمصلحة أو لأن الواقع فرضه.. لكن المرحلة تغيرت، والأوضاع اختلفت (العربية، والإسلامية بالذات) مما جعل تغيير هذا المنهج ضرورة شرعية وحضارية، بل ربما نستطيع أن نقول: إن تجديد هذا المنهج يُعتبر بالنسبة للنخبة الإسلامية قضية وجود، بمعنى أن وجودها مرهون بهذا التجديد.
متطلبات التغيير المنهجي:

ما هو مقتضى هذا التجديد الذي نطالب به؟ يمكننا أن نُجمِل الإجابة على هذا السؤال في النقاط التالية:
  • تجاوز المنهجية الشعارية: يجب أن يتجاوز المنهج قضية الشعار والعموميات إلى الصيغ الحياتية والجانب التطبيقي، والبرمجة العملية للناس: كيف يؤسلمون حياتهم، وكيف يديرون شؤونها المختلفة. وكما فشل العصراني حين نقل النماذج الغربية إلى البيئة الإسلامية مستبعدا الإسلامية منها، فكذلك الإسلامي سيفشل إن أغفل فيما يقدمه عصرانيته!.
  • تغيير موقف الرفض للوافد الغربي: وهذا لا يعني أن النخبة الإسلامية قد اكتمل رشدها تجاه الآخر، بمعنى أنه لا يزال يسكن نفوس كثير من النخبة الرفض لهذا الوافد، أحيانا رفض لمجرد عناوين، وأحيانا تخوفات من أشياء مستقبلية. مقتضى المتطلب الواقعي هو أن تتجاوز النخبة الإسلامية تصلبها الرافض نحو المداخلة الواعية والمبادرة المتعاطية بإيجاب مع المستجدات بحيث تُرَكِّبها في صورة إسلامية عصرية، لينفتح الناس عليها بهذه الصورة. خاصة أن الناس سيتعاملون معها سواء قدمتها بصورتها الإسلامية أو تركتها.. فهم سيقتحمونها على أي حال..
  • شمولية الإصلاح: الوضعية الآن تقتضي شمولية الإصلاح، بمعنى أن يكون الإصلاح أو التجديد أو البناء مخطَّطًا مشتملا على مختلف العناصر.. لأن الفاعلية لا تتحقق إلا بالجمع بين الجانب الفكري والجانب العملي لأن الفكري إذا بقي فكرياً صار مثالياً.. والناس ينبغي أن توجه حياتهم العملية.
  • التهميش والإقصاء: نظرية الإقصائية نظرية خاطئة إسلامياً ، وواقعيا هي منهج فاشل، فمقتضى الشرع والواقع أن تصوغ النخبة الإسلامية فلسفةً أو خطةً للتفاعل مع الواقع الداخلي بين أفرادها، وللتفاعل مع الآخر المسلم، والآخر الكافر، وللتفاعل مع المعطيات الثقافية القائمة في الواقع، بحيث يحدد نوع الخطاب الذي يتعامل به مع كل صنف.. بمعنى أن تتحرر من النظرة الصدامية التي تحرمها أشياء كثيرة.
2) التعاطي مع التحديات:
الكتابات التأسيسية التي كبتها الرواد الأولون للدعوة الإسلامية حاولت تأصيل بعض القضايا الاجتماعية في وقتها ، وكتبت عن الغزو الفكري، والتيارات، والحركة الاستعمارية ونحوها، مثل ما كتبه: أبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي، وسيد قطب، ومحمد قطب، وعبدالقادر عوده، ومصطفى السباعي، وعبدالعزيز البدري، ومحمد أسد، وغيرهم.. كانت كتابات تأسيسية وأدَّت دورها في ذلك الوقت.. المشكلة أن هذه النخبة لا زالت تتغذى على تلك المنتجات رغم تغير الأوضاع إما في ذاتها أو أنماطها.
أبو الأعلى المودودي
أبو الحسن الندوي
سيد قطب
محمد قطب
عبد القادر عودة

مصطفى حسني السباعي
عبدالعزيز البدري
محمد أسد
ولنمثل بأمثلة للتحديات المعاصرة:
  • الاستشراق: تحدي كان وما يزال قائماً، وقد كتَب عنه وعن مواقفه وصوره وتعاطيه أولئك العلماء كتابات كثيرة، ، إلا إن نمطَه الآن تغير، حيث كان يركز على الأصول الإسلامية(القرآن، السنة) والعلماء كتبوا عنه من هذه الزاوية، أما الاستشراق الراهن فقد أخذ مسارا آخر يتعلق بواقع المسلمين (الفرنسي، الأمريكي، الألماني) فهو يدرس أوضاع هذه الصحوة تحديدا: مواقفها، حلولها، مستقبلها، وهذا يقتضي تغيير منهجي من النخبة الإسلامية: أن يدرس ولا يكتفى بما درس قبل 50 سنة، وأن تحدد طريقة التعاطي مع الاستشراق بأنماطه الحديثة (الاستخباراتي، والموالي للإسلام، والمحايد الذي له جهود قَيِّمة).
  • المد اللبرالي الجديد:النخبة الإسلامية تعاطت قديماً مع المد الليبرالي، وقد عاد الآن بمواصفات وأهداف جديدة.. مدٌّ يجمع فلولاً من الناس مختلفة الخلفيات، يحاول أن يوظفها في مضادة الخطاب الإسلامي، (هناك من كانت خلفيته يسارية ثم تحول إلى الموقف الليبرالي ، هناك أناس كانوا ضمن تيار الصحوة الإسلامية ثم تحولوا إلى التيار الليبرالي، ثم هناك فئة لا هوية لها تحاول أن تستعضد بالقوة الليبرالية القائمة) هذا التحدي يقتضي تجديدا منهجياً مغايراً لما كان في ذلك الوقت.
  • الاجتهاد:المشكلة في نوعية الاجتهاد التي يقدمها من بوءوا أنفسهم هذا المقام، ما بين اجتهادية مثالية مشدودة نحو التحريم وسد الذرائع، وما بين اجتهادات منفلتة تسعى أن تستنجد ببعض النصوص الشرعية تأويلاً أو ببعض تراث المسلمين اقتباساً مبتوراً.. والنخبة الإسلامية بين هذين التطرفين مطلوب منها أن تكافح، وأن تسعى لوضع منهجية متزنة لهذا الاجتهاد (كيف يتعامل المجتهد مع النصوص الشرعية، ومع الواقع في تجدده) والمثال الواضح هنا: «العلاقة بالآخر» فالأصوات المتعالية إما الصوت المتطرف الرافض تماما، أو الذي انزاح نحو موقف الآخر إلى درجة التمييع باسم تسامح الإسلام.
  • الجماهير:لقد قلنا إن من ميزة هذه النخبة أنها جماهيرية ، والمشكلة هي في عملية نقل هذه الجماهير نحو الرشد الذي يرتقي إليه القادة بحكم أنهم علماء مفكرون، مما يجعل هؤلاء الرواد في حالة تذبذب، إن انتقلوا مع تطورات فكرهم انبتر الحبل الذي بينهم وبين العامة، وإن بقوا منشدِّين مع العامة تأخروا في التغيير ولم يتجاوبوا مع القضايا المعاصرة.. هنا نقول: إن النخبة الإسلامية بحاجة إلى منهجية في الموازنة بين تطور القادة والأتباع.

3) تآكل القطعيات الاجتهادية :
في الخطاب الإسلامي سادت مجموعة من الأمور التي أخذت صفة القطعية مثل: تحريم المشاركة السياسية في نظام لا يحكم بالشريعة ، وتحريم الاختلاط، ومنع المرأة من تولي المناصب العليا، والعلاقة بالآخر، والنظرة للحضارة الغربية، ورفض مصطلح المواطنة وغيرها . وكان مَن يتجرأ على تناول هذه القطعيات باجتهاد يخالفها يُتَّهم بالخروج عن الثوابت أو التعدي على الإجماع وبتمييع الإسلام والخضوع لضغط العصر ونحو ذلك.
لكن تطور الأحوال وزيادة تفاعل الإسلاميين مع الواقع ووعيهم لضغط الواقع ولفشو النظر في مقاصد الدين وتسيد هذه النظرة بعد أن كان المتسيد هو النظرة الجزئية.. نتيجة لكل ذلك حدث تحول في الخطاب الإسلامي وفي الدائرة الإسلامية اقتضته هذه الضرورات العلمية والشرعية والواقعية ، وشعر عموم الإسلاميين أنهم بحاجة إلى أن يأخذوا ما كانوا ينكرونه قبل ذلك، وهنا وقع الحرج بالنسبة لهم: حرج التراجع عما كانوا يقولون به وما يعنيه ذلك من عدم الرشد سابقا وعدم الثبات على المواقف، وحرج تشكك الأتباع بالرواد نتيجة هذا التغير في المواقف.. فهذه أزمة يعانيها الفكر الإسلامي.

4) اضطراب المفاهيم:
مشكلة الفكر الإسلامي المعاصر أنه يتطاوح بين الفكر المعاصر وبين تراثه العلمي الإسلامي وهما بحران مختلفان، بل إنهما - في بعض القضايا - متناقضان في دائرة "المفاهيم"، فالمفكرون الإسلاميون يفهمون من خلال علمهم الإسلامي انضباط المفاهيم – بحيث يُحَدُّ للشيء تحديدٌ جامعٌ مانع، ضابط للمضمون، سواء كان قضيةً واقعية أو قضية فكرية – وتعاملوا مع الفكر المعاصر الذي ليس فيه انضباط مصطلحي بهذه الصورة حيث أنَّ المصطلحات في الفكر المعاصر تتولد مِن قِبل أناس مختلفين في فكرهم ومنطلقاتهم، حتى قال روبنسون: يستطيع الناس أن يوجدوا ماركسيات بقدر عددهم!.. هذه ولدت مشكلة عند المفكر الإسلامي في التعاطي مع المصطلحات المعاصرة، بحيث يقوم هو بضبطها لنفسه، ثم يتعامل معها من خلال هذا الضبط الذي وضعه هو.
ولهذا لا عجب في وجود التناقضات لدى المفكرين الإسلاميين أنفسهم في قضايا معاصرة (الديمقراطية، المجتمع المدني، الاستقلال الفكري، الحريات ، حقوق الإنسان، وغيرها من القضايا الكثيرة) فنجد من الإسلاميين من يرحب بالديمقراطية وتجد منهم من يقول لا ديمقراطية في الإسلام.. مما يعني أن النخبة الإسلامية المعاصرة بحاجة إلى بناء خطة أو فلسفة في بناء الاصطلاحات، حتى توازن بين نوع من الضبط الذي لا يلزم أن يكون جامعًا مانعًا، لأن الإشكالية أن بداية النهوض لأي أمة من خلال مفاهيم يُنظِّرُ لها المفكِّرون وتستوعبها الجماهير وتتحمس لها، ثم تترجمها في مؤسسات تسهم في نهضة الأمة.. أما إذا كانت الأمة تدور في دائرة المفاهيم فلن تنهض.
5) معاناة التعامل مع الواقع:
وهذه أمور أكثرها عملي، ومن أبرز صورها:
  • حالة الترقب للمفاجآت المتسارعة في العالم، مما يجعل المثقف الإسلامي يقف شبه عاجز أو مبهور أمام هذه القضايا المتسارعة.. فإذا استوعب واحدة جاءت أخرى..
  • الضغوط الموجهة لهذه الفئة: فهناك ضغوط موجهة للنخبة الإسلامية لا تُحسِن هذه النخبة في بعض الأحيان التعاملَ معها مثل (الاتهام بقضية الإرهاب) فالمشكلة ليست في وجود الاتهام أو الضغط على النخبة الإسلامية من خلاله بل المشكلة في حالة الارتباك لدى كثير من الإسلاميين أمام هذا الاتهام، وهذا ناتج عن شعور داخلي لا يُبان عنه بأنه فعلاً كان هناك إسهام بطريق غير مباشرة في التهيئة لهذه الحالة من خلال التصعيد والشحن وغير ذلك.
  • ما يشعر به التيار الديني (النخبة الإسلامي) من ضغط فئةٍ إما أنها كانت خارجَهُ فدخَلَت فيه، أو العكس، فهذا يمثل عامل ضغط على هذا التيار.
  • أن النخبة الإسلامية الآن تشعر أنَّ الأمة تتحول إليها تدريجيا، بمعنى أنها تُحمّلها أمانة قيادتها للنهوض الحضاري في الوضع الحرج الذي تعيشه الأمة بعد فشل تجربة النخبة العصرانية.. ومصدرُ الحرج لديها في الجهد البشري الذي تقوم به لإقامة الحياة العملية على هذا المبدأ الإلهي ، وصبغ الحياة الاجتماعية به، وتحويل المُثل الإسلامية إلى واقع يعيشه الناس، وهذا العمل حركةٌ في الحياة، والحركة تحكمُها سننُ الله، وسنن الله لا تحابي أحد، فإذا وقع هؤلاء بما وقع به العصرانيون فسيحصلون على الإخفاق الذي حصل عليه العصرانيون. وأول عناصر الشعور بهذه المعاناة الشعور بالتحول من الصورة النموذجية إلى الصورة الواقعية الناقصة خاصة وأنهم يجدون النقص والضعف في مؤسساتهم وبرامجهم بل ربما وجدوه في بعض قياداتهم..
6) التطاوح بين الثنائيات:
الثنائيات في الحياة موجودة، ومن أشهرها (الأصالة والمعاصرة) (الكليات والجزئيات) (الواقع والمثال) (الوسيلة، والغاية) (الفرد والمجتمع).. الإشكالية هنا أن بعض الإسلاميين يأخذ بأحد الثنائيتين ويضخِّمها على حساب الأخرى، ومن أمثلة ذلك:
  • الكليات والجزئيات: من الإسلاميين مَن يهتم بالجوانب الجزئية في الإسلام، ولا يكترث بالعموميات والكليات مثل وحْدة الأمة وتطبيق الشريعة وغيرها من الكليات العقدية، وفي المقابل نجد في النخبة الإسلامية مَن يهتم بالكليات على حساب الجزئيات، إلى حدٍّ وصل إلى الاستهتار بالجزئيات ومحاربتها مع أنها شرعية وقد أمر بها الإسلام، مثل ما قال أحدهم – وهو من كبار الإسلاميين- عمَّن يسميهم الشعائريين قال: «تتركزجهودهم على بعض الشعائر.. إنها صورٌ شكلية لا تنقص من إيمان الإنسان وحسن إسلامه!»
  • الأصالة والمعاصرة: ثنائيتان كثر فيهما الكلام ، والأصل في المثقف الإسلامي أن يقوم على أرضيته (الأصالة) وأن يتفاعل مع واقعه المعاصر(المعاصرة) . لكن الكثير من الإسلاميين لا يستقيم منهجياً على هذا الأصل، فهناك من يحتجب داخل أرضية الأصالة عن الواقع المعاصر، وبالمقابل هناك من يضخمون قضايا العصر فيجعلونها هي الأساس وتأتي الرؤية الإسلامية بعد ذلك كنوع من الفتوى.. مثال ذلك (أصل الإنسان): هذه قضية معاصرة، وتمثل قاعدة كبرى من قواعد الفكر المعاصر التي قامت على الداروينينة وأن الإنسان حيوان متطور وأن عقله غريزة متطورة، وقامت على أساسها كثير من النظريات.. الإشكالية في هذه القضية أن بعض الإسلاميين لا يكترث بها وقد يكون من المهتمين بالمجال العقدي، لكن لأن السلف لم يذكروها بشكل مكثف فيهملها، وهناك بالمقابل أناس يهتمون بها بحكم اهتمامهم بقضايا العصر، فإذا أرادوا معالجتها والكلام عنها فإنهم يأتون بتاريخها ويتكلمون عن دارون ويكتبون عنه كثيرًا، ثم في النهاية في أربعة أسطر يقول: إنها نظرية خاطئة والإسلام يرفضها.. وهذا خطأ فالمفترض أن يبيِّن الباحثُ الحقيقةَ كما جاءت في القرآن ابتداءً من أن حكمة الله اقتضت أن يوجد مخلوقاً في الأرض يعبُده، فأوجد الإنسان لهذه الغاية.. ثم يسوق الفكر المعاصر وينقده.
هذه القضايا التي تناولناها تُشكِّل في مجملها أزمةً للنخبة الإسلامية، ونجاحُ هذه النخبة يتوقف على التعاطي الصحيح مع هذه القضايا.

==========
(*) هذه الصفحات تلخيصٌ مقارب لأمالي البرفسور الشيخ عبدالرحمن الزنيدي حفظه الله حول الثقافة: مفهومها، وأسسها، وواقعها بين المثقفين العصرانيين والإسلاميين. وقد ساهم معي في إخراج هذا العمل مجموعة من الزملاء وهم: عبدالرحمن آل خلف، ودعفس الدعفس، وإبراهيم الفوزان.. شكر الله لهم جهودهم وعطاءهم. أسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بهذه الأمالي: ممليها ومن ساهم في جمعها وكاتبها وقارئها.


الكــاتــب

ليست هناك تعليقات:

أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة الباقي