المقصود بالجهد الثقافي للمثقف الإسلامي: الحركة التي يقوم بها المثقف الإسلامي خدمةً لدينه وأمته من خلال ما يتيسر له من قنوات سواء كانت وسائل إعلام، أو تدريس، أو تأليف كتب، أو خطب ..
ما هي الأساسيات التي ينبغي أن يبني عليها المثقف الإسلامي حركته ؟
ثمة أسسٌ موضوعية (أساس الإيمان، أساس المعرفة، أساس القيم) ، وثمة أسسٌ منهجية منها: التوحيد، والمعيارية، وفقه الواقع، والشمولية، والاتزان في التعامل مع التراث، وسلامة الاصطلاح.. وهي ما تعنينا هنا..
ما هي الأساسيات التي ينبغي أن يبني عليها المثقف الإسلامي حركته ؟
ثمة أسسٌ موضوعية (أساس الإيمان، أساس المعرفة، أساس القيم) ، وثمة أسسٌ منهجية منها: التوحيد، والمعيارية، وفقه الواقع، والشمولية، والاتزان في التعامل مع التراث، وسلامة الاصطلاح.. وهي ما تعنينا هنا..
الأسس المنهجية لجهد المثقف الإسلامي :
الأساس الأول : التوحيد
التوحيد هو قاعدة دين الإسلام بل هو قاعدة الحق في الوجود كلِّه فإذا اختل التوحيد في هذا الوجود اختل الحق، بمعنى أن قيمةَ الوجود في أن يكون قائماً على العدل، فإذا اختل التوحيد اختل العدل، ولهذا لمَّا جاء الإسلام بالتوحيد جاء به من أجل أن تكون حياة الإنسان كلها توحيد: في فكرة، ومشاعره، وحركته الاجتماعية . . والتوحيد نوعان توحيد الإثبات، وتوحيد العبادة.
وهذا التوحيد ينبغي أن يكون مثبتاً في كل حركة المسلم الثقافية حتى وإن تحدث عن الشؤون الاجتماعية والكائنات المادية ينبغي أن يرتكز عطاؤه ورؤيته وتحليله على أساس التوحيد.
ما مضى يمثل إطاراً نظرياً للواقع الثقافي لدى المثقف المسلم ، وفيما يلي أمثلة عملية لتمثُّلات التوحيد في الجهد الثقافي للمثقف المسلم:
وزن التعاملات بالآخرة:
قوله تعالى: ((وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ{1} الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ{2} وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ{3} أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ{4} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ{5} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{6})) فيأتي التذكير بالبعث أثناء الحديث عن وجوب العدل في المكيال.
التعامل مع الأشياء أو الأحداث انطلاقاً من يقينية مصدرها:
مصدر الأشياء والأحداث بالنسبة للمسلم هو الله، فالله هو الذي خلق الأشياء ووجَّه حركتها ((الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)) وهو مُدبِّر الأحداث سبحانه، وفي أول سورة النحل يقول تعالى: ((خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{3} خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ{4} وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)) ففي هذه الآيات تأكيد لمصدرية الموجودات.. فتأكيد المصدرية ليس إضافة هامشية وإنما إعطاء قيمة للشيء..
مثال واقعي : إذا جاء إنسان يخطب ابنتك وذكر معلومات عن نفسه فعندما يقول لك: أنا من العائلة الفلانية.. هذه المعلومة مؤثرة جداً.. ويُرجِع كثير من العلماء سبب فشل كثير من الفلسفات أنها بُنيت على أساس جهلٍ بحقيقة الإنسان ووجوده.
التوحيد الفكري :
أن يقوم التوحيد في ميدان الفكر بالنسبة للمثقف الإسلامي، ليس في النظرة العقدية فحسب بل حتى في تعاطيه مع الأشياء يكون موحِّداً في حركته الفكرية.. لأنه إن لم يكن موحِّداً فكرياً فسيكون مشركاً فكرياً بمعنى أنَّ المثقف ستجذبه جواذب فكرية أخرى .. فالأصل في المسلم أن يكون موحداً فكرياً ويتضح الفرق بينه وبين المشركين فكرياً.
وحتى في الدائرة الإسلامية قد يقع الشرك الفكري فقد تقع التبعية لمعبودات فكرية يخضع لها ، والميزة تتبين من الطمأنينة والثبات الذي يتميز به الموحِّدون فكرياً على من تلوثوا بشوائب فكرية أخرى .. ولك أن تقارن الثبات الفكري لعلماء السلف مع اضطراب الحركة الفكرية والتحولات التي تصيب غيرهم (الفخر الرازي، أبو حامد الغزالي، الآمدي، الأشعري..)
ونشير إلى مثالين على توحيد الفكر للمثقف الإسلامي:
1) وحدة الحقيقة :
المثقف الإسلامي يؤمن بأن الحقيقة واحدة لا تتناقض والسبب أنه يؤمن بأن مصدر الحقيقة واحد هو الله سبحانه.. قد تتعدد وسائل وصولها إليه لكن يبقى مصدرها هو الله. فقد يكون مصدر الحقيقة هو الوحي، وقد يكون مصدرها هو العقل وهو موجه من الله.
الذين يضعف عندهم هذا الإيمان يقعون في الاضطراب في هذا الأمر (الذي سببه تناقض الحقيقة عندهم) ومن ثم يتصورون التناقض بين الحقائق فيحاولون تجنبها وأن يقوموا بحلِّها.. كما حدث عند علماء الكلام عندما افترضوا أنَّ الحقيقة العقلية قد تناقض الحقيقة النقلية وحاولوا حل هذا الإشكال.. فقالوا إذا تعارض النقل والعقل إما أن يجتمعا وهو محال أو يسقطا وهو محال أيضا وإما أن يُقدَّم النقل على العقل وهو محال لأن النقل مصدره العقل فلم يبق إلا أن يقدم العقل على النقل!!.
في العصر الحديث وقع التباس في هذه القضية بين المعرفة المعاصرة (العلم) وبين الوحي (الدين) ومن ثم وقعوا في الإشكال نفسه .
2) مسألة الأسباب:
نقصد بهذا المثال: القوانين الكونية والاجتماعية، التي تُسمَّى "النواميس" في الفلسفة، وتسمى "العلل" في الفلسفة القديمة.
المسلم يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو وحده الخالق المدبر للكون وأن مشيئته هي الغالبة ولا يحدث شيء إلا بعلمه وإذنه وخلقه وتصريفه، ويؤمن في الوقت ذاته أن الله أودع هذا الكون سُنناً ثابتة "قوانين"، وحركةُ هذا الكون المادية والاجتماعية تجري على أساس هذه القوانين، ما يجعل معرفة الإنسان بهذه القوانين مُنتِجةً لاستثماره حركة هذا الكون.. فلا يُضخِّم الأسباب وينسى مسبِّبها كما هو شأن الماديين، ولا ينقطع عن هذه الأسباب كمنهج المتصوفة، أو ينكرها كبعض الاتجاهات الفكرية.
التوحيد في أسماء الله وصفاته :
موقف المسلم تجاهها الإيمان بها وفق ما جاء فيها في النصوص الشرعية.. وأن يتعامل بها مع الله وفق مقتضاها ، فالمثقف الإسلامي يجعل هذه الصفات والأسماء تمثلاً عملياً في حياة الناس لا مجرد تمثل فكري ولا مجرد مشاعر مجردة ، وذلك من خلال إقامة القيم عليها وتحويلها إلى أخلاقيات.. والقيم ميدان خصيب لحركة المثقف يرتكز فيها على أسماء الله وصفاته .
وأسماء الله وصفاته من جهة تمثلها عملياً على ثلاثة أنواع :
- صفاتٌ يُطلبُ من المسلم أن يَتصِف بها: وكلما كان المسلم أكثر اتصافا بها كان أقرب إلى الله وأحب إليه.. مثل: صفة العدل والكرم والطيب والحلم.. فحديث المثقف يرتكز على هذه القيم.
- صفاتٌ يستحيلُ على العبد أن يتصف بها: مثل صفة القيومية والأحدية.. لكن هذه الصفات تستدعي منه أن يلجأ إلى الله وأن يوحِّد الدعاء له.
- وهناك صفات لا يستحيل على العبد أن يتصف بها لكن لا يجوز له أن يتصف بها: كصفة التجبر والكبرياء .. وهي تقتضي منه الإذعان والقبول.
فالمثقف الإسلامي مهما احلولكت الحياة أمامه وكثرت العقبات فهو متفائل مستبشر، وأساس هذا التفاؤل والاستبشار هو إيمانه بالله سبحانه وتعالى من حيث حكمته تعالى في تدبير الكون، وأنه عادل سبحانه، ومؤمن بأن وراء الأحداث حِكَم قد يدركها وقد تحتاج منه إلى استقراء وزمن حتى تستبين.. وقد لا تستبين له، ومع هذا فهو يؤمن بحكمة الله في هذا الحدث. ومثال ذلك: قتل الخضر للصبي..
ومن جوانب التفاؤل للمثقف الإسلامي أنه يؤمن بأن الله معه مادام مؤمناً ملتزماً شرعاً.. وهو بهذا يخالف الذين يضعف لديهم هذا المعنى فلا ينظرون إلى الحياة إلا من خلال معايير مادية في الغالب فتصطبغ رؤيتهم بالتشاؤم ويصيبهم اليأس..
الأساس المنهجي الثاني : سيادة الوحي على التفكير
التوحيد بصورته التي عرضناها سابقاً يحقق الجانب الأول من الشهادة وهذا الأساس يحقق الجانب الثاني من الشهادة.. وشهادة أن محمداً رسول الله تقتضي أن يخضع المسلم عقلاً ونفساً وأعضاءً للرسول صلى الله عليه وسلم وأن يقوم هذا الخضوع على أساس يقين بأنها الحق وأن ما يناقضها الباطل وأن فيها النفع وفيما يخالفها الضر..
هذا الإيمان بصورته الفطرية كان أكبر عامل صدٍّ للتغريب في الأمة الإسلامية.. قد يضعف الناس ويتميعون في الجانب التطبيقي، لكن مكانة الوحي في نفوسهم كبيرة.. ولهذا كانت جهود التغريبيين مُنصبَّه على تفتيت هذا الأساس.
مما يدخل في هذا "الدعوة للحوار مع الآخر":
ينادي الجميع بالحوار ولا إشكال في ذلك .. لكنهم يريدون أن يتم تحت مظلة العقلانية .. ولا إشكال. في الحوار من منطلقات عقلية منطقية.. المشكلة في أنهم يطالبون بأن يُقدِّم كل طرف منا آراءه ومعتقداته على أنها مساوية للطرف الآخر وأنها قابلة للصحة والخطأ.. وهنا تأتي الإشكالية.. فعندنا نحن المسلمين ثوابتُ، وقطعيات، ونصوص، وعندنا آراءُ، واجتهادات.. فلا إشكال في هذا الطرح إذا تعلق الأمر بالاجتهادات، لأن كل إنسان له اجتهاداته يقدمها للآخر ويتعرف لما عند الآخر أياً كان هذا الآخر.. أما بالنسبة للقطعيات فليس من حق المسلم أن يتنازل عن قطعياته لأيٍٍّ كان .. ولكن هل معنى ذلك أننا نأخذ هذه القطعيات ونجعلها على الرف وبالتالي نعزلها عن الحياة؟! كلا بل نداخل بها الحياة.. ولا نتنازل عنها وإنما ممكن أن نتنـزَّل بها، أي تُطرَح كافتراضكما قال سبحانه: ((وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)).. ففي القطعيات نتنـزل بها ولا نتنازل عنها.
الله في القرآن ذم فئتين من الناس من ذوي الفكر بعلاقتهم فكرياً بالوحي :
الأولى: هم الذين أعرضوا عن الوحي واستنكفوا أن يتشبعوا بمعطيات هذا الوحي فهم في خط معاكس للوحي.. بحجج مختلفة - مثل إنها معارف جاءت للعامة أوغيرها من الحجج - وهؤلاء لن يصلوا إلى حقائق (مع أنهم في الدائرة الإسلامية) وإنما يصلون إلى ارتباكات وظنون .. ((إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى)) وهذه حقيقة تاريخية.. لذا تجد أن كثيراً من علماء الكلام في أواخر عمرهم رجعوا واعترفوا بأن مسيرتهم الكلامية كلها تيه وظلال .. كما يقول الرازي:
نهاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها رجال فماتوا والجبال جبال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها رجال فماتوا والجبال جبال
ثم يقول: "لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن.."
ويقول الشهرستاني:
ويقول الشهرستاني:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها … وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر … على ذقن أو قارعا سن نادم
فلم أر إلا واضعا كف حائر … على ذقن أو قارعا سن نادم
الثانية: لم يتنكروا للوحي بل أقبلوا عليه واستنجدوا به، لكن المشكلة بالنسبة لهم أنهم آمنوا ببعض الوحي وكفروا بالآخر .. وإن لم يكفروا بالجانب الآخر فإنهم ضخموا جانباً وأهملوا جانباً آخر.
وكم من فقيه خابط في ضلاله .. وحجته فيها الكتاب المنزل
الإشكالية عندهم أنهم عكسوا المنهجية في العلاقة بين الفكر والوحي . فالأصل أولوية الوحي على الفكر وهيمنته عليه، فيتشكل الفكر بناء على الوحي.. أما منهجية هؤلاء فهي أنهم يأتون بمُسبقة فكرية ويبحثون في النصوص عن ما يدعمها، فتكون النتيجة عكسية! فبدل أن يبصرهم الوحي يكون لهم عمى! وهذا المسلك يسمِّيه القرآنُ بغياً: ((فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)) إذا الأصل في المثقف الإسلامي أن يحقق في ثفافته هذا الأساس: أن تكون السيادة للوحي على الفكر فكيف يحقق هذا عملياً ؟تكون السيادة للوحي في واقع المفكر الإسلامي من خلال عدد من المؤشرات :
1) تعظيم أمر الوحي ونصوصه في نفسه ونفوس الناس:
فيتعامل مع الوحي على أنه الأعلى في كل شيء وأنه الحق، وهذا الأمر يُمثِّل الحصانة للأمة من خلال تاريخها الطويل أن تذاب.. وحينما برزت الصحوة الإسلامية وكانت متعلقة بالكتاب والسنة كان هذا مزعجاً لبعض الفئات فقامت جهود تنصب على حلحلة هذه الروح التي يسميها د. هشام الجعيد "النص الحاسم الذي لا يجد مفراً أمامه"!!
2) استحضار النصوص في موضوعه:
بمعنى أنه إذا أراد أن يعالج قضية من القضايا يحسن به أن يأتي لأول الأمر: أن يأخذ الآيات والأحاديث المتعلقة بموضوعه ثم يتأمل فيها لتشكل له الخميرة الأصلية لموضوعه. فقبل أن يتفاعل مع القضية واقعياً يتأمل النصوص ليتعامل مع الواقع وفق فهمه للنصوص.
3) التثبت مِن صحة نسبة النص:
فعلى المثقف الإسلامي أن يتثبت من أن ما يذكره هو من القرآن أو من السنة، والمقتضى في مثل هذه المسألة التثبت للإثبات ، بمعنى أن هناك حاجة لوجود النصوص أحياناً في بعض عطاء المثقف الإسلامي، فالأصل عند المثقف الإسلامي أن يثبت النص.
4) التثبت من دلالة النص أي "من صحة المعنى":
القرآن ميسر للذكر حيث يفهمه من يتكلم العربية، وكذا نصوص السنة، ولكن ليس معنى هذا أن المثقف الإسلامي يقف عند حدود فهمه البدهي للنص، لأنه سيبني عليه مواقف بعد ذلك.. فالمفترض أن يتجاوز دائرة فهمه المباشر ويتثبت من خلال قراءة كتب التفاسير وشروح الأحاديث ومن خلال استرشاده بالمختصين في هذا المجال. ومن خلال معرفته بالعلوم الشرعية التي بنيت لخدمة هذه النصوص.. فينبغي للمثقف الإسلامي أن يكون عنده قدر كاف من العلوم الشرعية مثل علم القران وعلم الفقه وعلوم السنة وعلم التفسير التي تسهل له فهم نصوص الوحيين ودلالاتها.. فيأخذ كليات هذه العلوم حتى تكون حركة تعاطيه معها حركة مستبصرة.
5) الالتزام في العمل الثقافي بالمسالك المنهجية التي جاء بها الوحي:
حتى تنضبط حركته الثقافية عن الزيغ، وهي مسالك كثيرة ومتنوعة منها:
- الاستسلام للحق إذا عرفه ولو صادم رغبته الذاتية أو رغبة حزبه ((وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ))
- سؤال المختصين فيما يُشكل عليه ((فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ))
- عدم التسرع في إصدار الأحكام إلا بعد التوثق من استنادها إلى الكتاب والسنة ((وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ)) وفي الحديث: ((ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال))
- أن يعي خطورة استخدام القدرات البلاغية اللغوية في لبس الحق بالباطل وأن يروج بها ما ليس حقاً.. قال تعالى: ((وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) وقال صلى الله عليه وسلم : (إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار) .
==========
(*) هذه الصفحات تلخيصٌ مقارب لأمالي البرفسور الشيخ عبدالرحمن الزنيدي حفظه الله حول الثقافة: مفهومها، وأسسها، وواقعها بين المثقفين العصرانيين والإسلاميين. وقد ساهم معي في إخراج هذا العمل مجموعة من الزملاء وهم: عبدالرحمن آل خلف، ودعفس الدعفس، وإبراهيم الفوزان.. شكر الله لهم جهودهم وعطاءهم. أسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بهذه الأمالي: ممليها ومن ساهم في جمعها وكاتبها وقارئها.
ممكن أعرف ماهي الأسس الموضوعيه توضيح لها وشكراً
ردحذف