مساحة اعلانية

موضوع عشوائي

آخر المواضيع

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية (6)

بدأنا الحديث في المقال السابق عن الاستجابة (اللاواعية) للمثيرات إذا كانت مشاعر الإنسان في اللاوعي، فذكرنا: سحر الألفة، والاحتواء العاطفي، ونكمل هنا ما تبقى من الموضوع.


3) تكرار المشهد:
مشاهدةُ الإنسان لشيءٍ ما مشاهدةً متكررة تجعل صورة هذا الشيء تدخل إلى وجدانه دون أن يشعر، ورجال الأعمال يدركون هذا جيداً، لهذا فهم ينفقون الأموال الطائلة على الإعلانات التجارية التي تتكرر على الناس يومياً، ولذا لا نستغرب إذا لاحظنا أن الناس أحياناً يطلقون أسماءَ الشركاتِ المنتجةِ لبعض السلع على المنتجات نفسها!..

ومن هذا الباب: عرض المرشحين لصورهم في أماكن كثيرة، فإن الناخب إذا تكررت لديه صورةُ مرشحٍ ما، ولم يكن لديه اختيار سابق، فإنه سيتوجه لاختيار من تكررت أمامَه صورتُه.

4) عرض الصورة في أثناء ارتخاء الوعي:
يروى أن مرشحاً فرنسياً اتفق مع شركة إعلامية لعرض صورته لثوان معدودة على شاشات السينما في أثناء مشاهدة الناس للفيلم، بهدف دخولها إلى باطن المشاهد الذي قد غاب وعيه أو (ارتخى) بسبب متابعته لأحداث الفيلم.




قريبٌ من هذا ما قامت به شركة مشروبات غازية مشهورة بدفع مبالغ كبيرة لمغنية كي تغني وترقص وفي خلفية المسرح شعار كبير لهذه الشركة.

ولذا كانت الأفلام والمجلات والألعاب الإلكترونية الوافدة إلينا من الغرب من أخطر ما يهدد قيمنا.. لأنها ترخي وعي المتابع في حين تتسلل القيم الغربية إلى باطنه دون أدنى مقاومة، وسيأتي إن شاء الله مزيد إيضاح لهذه المسألة.

ويمكن تصوير ما سبق في الشكلين التاليين:


شكل (5): توضيح الاستجابة الواعية للمؤثرات الخارجية (قبولاً أو رفضًا) في حالة الوعي


شكل (6): توضيح التبادل غير المقصود بين الظاهر والباطن في حالة (اللاوعي)

أثر بناء القيم في تكوين الشخصية المتزنة:
عندما نبني القيم بطريقة مناسبة لدى المتربي فإننا نساعد في تكوين شخصيات متزنة ومتكاملة بعد ذلك، ومثال ذلك: لو أن إنساناً جاءه رجل جاهل جاف الطبع فجبذ رداءه جبذة شديدة وقال له كلاماً غليظاً وطلب منه خدمةً بعد ذلك!، وهذا الإنسان يحمل من القيم (حب الخير للناس، والحلم، والأناة) ويتمثل قول الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] ويقدِّر أن بعض الناس إنما يسيئون التعامل لضعف تربيةٍ فيهم، لا لقصد الإساءة، وأنهم ربما كانوا يعيشون في بيئة صحراوية تؤثر في طباعهم، وأن هذا هو جهدهم وغاية ما وصلوا إليه من أدب! و(يفكر) في هداية هذا الرجل.. فنتيجة لذلك سيكتم غضبه، وسيلتفت إلى هذا الرجل ويتبسم في وجهه وينفذ له طلبه.. وهذا تماماً ما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فأثرت حاشية بُرد النبي صلى الله عليه وسلم في صفحة عاتقه من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك! فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء. (صحيح البخاري 5472).
إنَّ تخلُّف مثل هذه القيم يفسح المجال للانتقام للنفس ولنَزعات الشيطان..

أهمية إجماع المربين على القيم:
إجماع المربين (في بيئة تربوية) على القيم والقناعات والأساليب التربوية مهم في التربية، كي لا يحس المتربي بشيء من التعارض في مصادر التلقي، وفي حالة وجود اختلاف بين المربين في بيئة واحدة (مثلاً: أب، وأم) فإن المتربي سيستقي قيمه ويتأثر أكثر بالمربي الذي يحتويه عاطفيًّا.

المرحلة الذهبية لغرس القيم:
أغلب القيم تتكون عند الإنسان في مرحلة الطفولة المبكرة، ويرجع ذلك لأمور منها: شدة ذكاء الإنسان في هذه المرحلة، وخلوه من المسبقات الفكرية، ومحدودية القدوات لديه. وأكثر الناس يهملون هذه المرحلة ولا يبذلون فيها جهداً يُذكَر.

وللحديث صلة..


=======
(*) نشر في موقع
الألوكة

الكــاتــب

ليست هناك تعليقات:

أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة الباقي