مساحة اعلانية

موضوع عشوائي

آخر المواضيع

وسائل الدعوة والتأثير على الجماهير (2)


وسائل جديدة للدعوة:
الهدف هنا ليس عرض وسائل متنوعة في الدعوة، وإنما المقصود: التنبيه إلى وسائل مهمة اقتضاها العصر للتأثير على الجمهور وصناعة الرأي العام.



1 - قنوات البث الفضائي:
قبل عقدين من الزمان تقريباً؛ بدأ الغزو الفضائي للمنطقة العربية، وكان موقفنا منه الرفض لهذا الوافد والتحذير من أخطاره، وهذا حسن.

لكن المشكلة أننا نسينا أو تناسينا أن التحذير وحده غير كافٍ. إنّ كل وافد غريب على ثقافة المجتمع ينبغي أن نتعامل معه من خلال بُعدين:
الأول: آني، وهو أشبه بإطفاء الحرائق وحل المشاكل. ويدخل في هذا: الرفض، والمقاومة، والتحذير.
والآخر: ارتيادي، من خلال استثمار هذا الوافد في خدمة مشروعات دعوية جديدة وفق ضوابط وأطر يحددها العلماء في حينه.
وأزعم أننا لما تأخرنا في دخول هذا المضمار سُرقت منا عقول الجماهير، وضعف دورنا في توجيه الرأي العام. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت محاولات جادة لها فضل السبق في فتح الباب، لكن عددها دون المأمول. وأملنا أن نمتلك مئات القنوات الإسلامية على اختلاف تخصصاتها واهتماماتها.
القنوات الفضائية وعمارة المساجد:
إنها رسالة لأهل العلم والدعاة ومحبي الخير ورجال الأعمال أن يتوجهوا لدعم البث الفضائي. إن كنا نشتكي ضعف إقبال الناس على المحاضرات في المساجد؛ فلنرسلها إليهم في بيوتهم، وإن كنا نشعر بقلة المصلين في المساجد بسبب قنوات الفحش والمجون؛ فلنرسل دعاتنا إلى منازلهم ليعيدوا الناس إلى مساجدهم.
إن الملايين التي نضعها لعمارة المسجد حسياً ينبغي أن نُتبِعها بملايين أخرى لعمارة المساجد معنوياً، وليست الأولى بأهم من الأخرى، وفي كلٍّ خير.
القنوات الفضائية والمنهجية:
إن أي قناة فضائية تنهج منهج الإصلاح لا بد أن تتميز بثلاثة أمور رئيسة لا يستقيم حالها إلا بها:
(1) الأصالة:
أن تكون القناة انعكاساً لأفضل ما في ثقافة مجتمعها من قيم وأخلاق. وبالنسبة لنا نحن المسلمين؛ فإن هذا الضابط يعني الرجوع إلى الـمَعِين الذي لا ينضب: كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - . وفي هذا الباب أقول: إن من مصلحة القناة الفضائية البُعدَ عن المسائل الخلافية التي تُفقِدها جمهورها، أو شريحة منهم. وما الذي يضير القناة أن تولَد بلا موسيقى، ولا نساء؟ بل إن بعض التجارب في أرض الواقع أثبتت إمكانية نجاح القناة الفضائية من دون وجود هذين العنصرين.
(2) المعاصرة:
أن تنفعل بأفضل ما في عصرها من متغيرات. إننا لا نريد قناة تعيش قرون الإسلام الأولى فحسب، ولكننا نطمح أن تعيش قنواتُنا زمانَنا بحداثته وتطوره، بمخترعاته وتقنياته، بثقافته المعاصرة وأطروحاته المتجددة.
(3) الواقعية:
أن تكون قادرة على حل المشكلات التي تواجهها وتواجه مجتمعها. وهذا هو الجانب المكمل لشخصية القناة؛ وهو الجانب التفاعلي. إننا عندما نبني منهجنا على الأصالة وننفعل على ضوء هذا المنهج مع العصر؛ فإننا نريد ألا نكتفي بالتنظير دون الدخول للحلول العملية لواقع الناس ولمشكلاتهم الحياتية[6].
القنوات الفضائية والبعد الإقليمي:
يصعب على القناة الفضائية أن تكون لكل العالم العربي، فضلاً عن أن تكون لكل العالم الإسلامي، ومع هذا فإن على القناة أن توسع بُعدَها الإقليمي قدر طاقتها.
القنوات الفضائية والتخصص:
الشمـولـيـة أمر مطـلوب، ومـع هـذا نـقول: يجب علينا ألا نخـلط الأوراق وألا نعـدد الأهداف والتخـصـصات؛ فلا بد أن يكون للقناة سمة عامة تتميز بها، وأكثر من فئة تخاطبها، ولغة تنطق بها. القنوات الفضائية والدول المستضيفة:لكل وسيلة إعلامية على وجه الأرض خطوط حمراء لا تستطيع تجاوزها، وتتسع دائرة المسموح وتضيق حسب الظروف الزمانية والمكانية التي تحيط بالقناة. والمقصود هو توصيل الرسالة قدر الطاقة، مع المحافظة على هذا الكيان الإعلامي ليستمر الخير والعطاء. وبطبيعة الحال فإن هذا لا يعني التنازل عن المبادئ التي قامت عليها القناة الفضائية. وفي كثير من البلدان حتى الغربية منها؛ تحتل العلاقات بين القناة والدولة المستضيفة المرتبة الأولى في بقاء القناة واستمرارها، وإن كان احترام الأنظمة في الدول الغربية له مساحة أكبر في العمل.
القنوات الفضائية والتعدد:
تعدد القنوات الإسلامية ظاهرة صحية، مع ما يصحب هذا التعدد من أخطاء وضعف في بعض القنوات، وذلك للأمور التالية:
- اختلاف التخصصات: ومن ثم سنغطي شرائح كبيرة من المجتمع، ومراحل عمرية مختلفة.
- اتساع الرسالة: لأن رسالتنا ستصل - بإذن الله - مشارق الأرض ومغاربها.
- صناعة الرأي العام: وهو تابع للذي قبله، وتكمن أهميته في توجيه الجمهور عند الملمات، وتبنّي رؤية إسلامية لقضايا الأمة.
- صعوبة محاربتها من قِبَل الأعداء: إن كان يُتوقع من الأعداء محـاربـة قنـاة أو أكـثر؛ فإن محـاربة العشرات أو المئات من القنوات الإسلامية أكثر صعوبة. بل إن تعدد القنوات وكثرتها يتيح لبعضها فرصة الوقوف على الخط الأحمر، ومعاكسة التيار أحياناً.
2 - القنوات التلفزيونية المحلية:
تتميز القنوات التلفزيونية المحلية بقلة التكلفة ومحدودية التأثير، وهي مناسبة أكثر للرسالة المتخصصة. وفي تركيا وحدها مئات القنوات المحلية[7]، بينما لا نجد في الكثير من البلدان العربية هذا المصطلح، لكن الأيام القريبة ستفتح آفاقاً كثيرة للعمل الإعلامي. ولا أدري لماذا نفضل دائماً انتظار العصرانيين ليفتحوا باباً جديداً لنلحقهم بعد سنوات؟! لِمَ لا نكون نحن المبادرين بطلب القنوات المحلية؟ علماً بأنه لا بد أن يتواكب ذلك مع وعي إعلامي واستعداد لإدارة دفة العمل الإعلامي المحلي. إن الحديث عن أهمية الإعلام عامة والقنوات التلفزيونية خاصة، لَيؤكد على الدعاة الاهتمام والتركيز على هذا الجانب من حيث الدخول فيه، واستثمار الطاقات الشابة في المجال الإعلامي، ويؤكد على محبي الخير والداعمين للعمل الخيري أن يتفطنوا لأثر وسائل الإعلام الإسلامي الكبير في التأثير ونشر الخير.
3 - مؤسسات الإنتاج الإعلامي:
إن من يخطط لإنشاء قناة فضائية أو محلية هو في الحقيقة يواجه مشكلة كبيرة في إنتاج المادة الإعلامية التي تحقق أهدافه ولا تخالف ضوابطه؛ فيعاني في إدارة القناة، وفي إدارة الإنتاج. ومن هنا فلا بد من إقامة مؤسسات مستقلة عن القنوات ومتخصصة في الإنتاج الإعلامي التلفزيوني الإسلامي، وتكون في الكثرة والتخصص بالقدر الذي يفي باحتياجات قنواتنا الإسلامية، مع أهمية وجود التنسيق والتعاون بين مؤسسات البث ومؤسسات الإنتاج.
وهنا أحب أن أؤكد أن سوق الإنتاج سوق استثمارية رائعة ربما تتفوق على سوق البث الفضائي، وينبغي عموماً أن ننظر إلى النوعين: (مؤسسات البث، ومؤسسات الإنتاج) نظرة دعوية استثمارية.
4 - الصحف اليومية:
تتميز الصحف اليومية عن المجلات الشهرية بقربها من الجمهور وقوة اتصالها بهم؛ فهي في كل يوم تطالعهم بالجديد من أخبار وتحليلات، وأطروحات ثقافية واجتماعية، وهي مع هذا تتطلب جهداً أكبر واحترافية إعلامية أعلى.
ومطالعةُ الصحف اليومية أضحت جزءاً من ثقافة المجتمع، ومن خلالها نستطيع جذب قلوب الجماهير، وصناعة الرأي العام.وفي نظرة عجلى لساحة العمل الإسلامي؛ لا تكاد تقع عينك على صحيفة يومية إسلامية، حتى المجلات الأسبوعية تُعد على الأصابع! فهل كان هذا الفقرُ سببَ منْعِنا من خوض هذا الغمار، أم تخوفنا منه، أم عدم قناعتنا بجدواه؟
5 - الإذاعة الصوتية:
كان لإذاعة القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية وشقيقاتها في الدول الإسلامية الأثرُ الكبير في نشر العلم والعقيدة الصحيحة في سائر أرجاء المعمورة. وكان المفترض أن تتطور هذه التجارب وتزيد لو وجدت القناعة الكافية عند دعاتنا وعلمائنا. إن ما يميز الراديو عن غيره من وسائل الإعلام سهولة استخدامه وكثرة انتشاره، وفي كثير من الدول تتاح فرصة واسعة لبث إرسال على موجات الـ (FM) والتفريط فيها تفريط في وسيلة من أقوى وسائل الدعوة. هناك ترددات راديو مسموح بها في كل دول العالم، ويمكن استخدامها للبث المباشر على الراديو في نطاق ضيق؛ كأن يكون ذلك على نطاق الحي أو المدينة الصغيرة. تقنياً؛ بإمكان أحد رجال الأعمال أن يصنع جهاز راديو خاص (لا يستقبل إلا موجة محددة) بشكل أنيق وتكلفة زهيدة جداً. وبوجود قاعدة بث (FM) رخيصة التكلفة؛ يمكنه أن يغطي الإرسال لمدينة كاملة.
6 - الإنترنت:
تتميز شبكة الإنترنت عن الوسائل السابقة بأنها أقلها تكلفة، وأقواها تفاعلاً، وأجرؤها على تجاوز الخطوط الحمراء. ومشكلتها قلة عدد المستخدمين في الفترة الحالية، لكن العدد سيتضاعف في السنوات القادمة.وتُعدُّ شبكة الإنترنت أوفر حظاً من الوسائل السابقة؛ إذ دَلَف إليها مشايخنا ودعاتنا، وكان لهم فيها أثر كبير. وفي الميدان العديد من التجارب الناجحه ولله الحمد.
7 - التقنيات اللاسلكية:
أعني بالتقنيات اللاسلكية: وسائل الاتصال التي تنقل الوسائط والبيانات دون أسلاك، وهي وسائل تتطور يوماً بعد يوم، واستثمارها من الدعاة مطلب مهم لتبليغ الرسالة. وسأحاول في الأسطر القليلة التالية أن أوضح مفهوم بعض هذه التقنيات، وكيفية الاستفادة منها دعوياً.
أولاً: البلوتوث (8) Bluetooth:
البلوتوث هو تقنية لا سلكية تتيح لجهازين أن يتصلا ببعضهما من خلال ترددات لاسلكية، وهو قصير المدى نسبياً؛ حيث يصل أقصى مدى لإرسال البلوتوث إلى 300م تقريباً. وتتميز قطعة البلوتوث – مقارنة بالوايرلس – برخص ثمنها وقلة استهلاكها للبطارية[9]. ويمكن من خلال البلوتوث نقل الملفات الصوتية والصور ومقاطع الفيديو وأرقام الهواتف على هيئة (بطاقة أعمال).
البلورة الزرقاء[10]:
جهاز بث بلوتوث (Bluetooth Broadcast) يغطي مساحة دائرة نصف قطرها 100متر تقريباً[11]، ويمكن لأي شخص تركيبه في منزله أو محله التجاري. وسيتمكن الجهاز من إرسال آلاف الملفات الصوتية والمرئية والصور يومياً إلى كل الأجهزة التي تقع تحت منـطـقة تغطـيته. فـإذا كان الجـهاز قريـباً من الأسواق أو الإشارات المرورية أو المطارات أو الملاعب الرياضـية أو الفنادق؛ فيمكن أن نجعل منه داعية لا يكِلّ ولا يمل في هذه الأماكن، يزود الناس بالمقاطع والصور المؤثـرة وبالأرقام التي تهمهم؛ كرقم هيئة السوق مثلاً، ونحو ذلك.
ثانياً: الوايرلس (Wireless):
الوايرلس: هو أيضاً تقنية لاسلكية؛ فهو أخ للبلوتوث إلا أن أُمَّه المطوّرة له هي شركة (إنتل). ولذا؛ فوجوده في أجهزة الحاسب الآلي أكثر من الجوالات[12]. وتتميز قطعة الوايرلس عن البلوتوث بقدرتها على البث لمسافات أبعد تصل إلى 2 كم تقريباً. والآن توجد شبكات للوايرلس بعيدة المدى تصل إلى أكثر من 10 كم.
شبكة الحي الداخلية اللاسلكية (إنترانت)[13]:
بإمكان إمام المسجد أو أحد الدعاة في الحي إنشاء شبكة لاسلكية داخلية لأفراد الحي (إنترانت)، وذلك من خلال جهاز حاسب آلي – يُفضَّل أن يكون جيد المواصفات – يُستَخدَم هذا الجهاز الخادم (السيرفر) جهازاً مزوِّداً لأجهزة الحي ورابطاً بينها من خلال بث الوايرلس، ويمكن أن تحوي إنترانت الحي على ما يلي:
- إنترنت مفلترة (نقية) لأفراد الحي. وشبكة الإنترنت هذه يمكن مراقبتها وتحديد ساعات لكل مستخدم، بل من الممكن الاستفادة من ساعات الإنترنت كتمويل للمشروع، وذلك ببيع خدمة الإنترنت للمستخدمين (أفراد الحي)[14].
- موقع مصغر خاص بالحي، ومنتدى تُنشر فيه أخبار الحي والمقالات التي يكتبونها، ويكون هذا الموقع فرصة للتواصل الاجتماعي.
- بث فيديو حي أو مسجَّل، وبهذا يمكن نقل محاضرات المسجد ودروسه إلى داخل المنازل. كما يمكن من خلال الشبكة تواصل ربة البيت مع الدارسين والمستمعين داخل المسجد بالأسئلة والاقتراحات، ونحو ذلك.
- مكتبة إلكترونية للحي مليئة بالملفات الصوتية والمرئية والكتب.
- إمكانية المحادثة: ويكون ذلك من خلال:
  • ماسنجر داخلي: حوارات مباشرة نصية.
  • هاتف داخلي: مكالمات صوتية.
  • غرف الدردشة: غرفة محادثة مشتركة.
بطبيعة الحال لا بد أن ترسم ضوابط لضمان الاستخدام الصحيح لهذه التقنية، ويمكن - تقنياً - في هذه الشبكة عزل مستخدمات الرجال عن مستخدمات النساء وقطع التواصل بينها، كما يمكن تخصيص غرف دردشة للنساء بحيث لا يستطيع الرجال دخولها، ويمكن مراقبة كل ما فيها بشكل تقني أو تقليدي.
ومن الممكن ربط سيرفرات الأحياء (المساجد) ببعضها من خلال تقنية الوايرلس بعيدة المدى[15]، وذلك بهدف الاستفادة المشتركة من المواد الدعوية. وإذا تمكنا من ربط سيرفرات المساجد ببعضها؛ فسنكون - مثلاً - قادرين على بث محاضرة على الهواء مباشرة داخل مدينة كبيرة في الوقت نفسه وبدون تكلفة مادية.
ثالثاً: الواي ماكس[16] WiMax :
تعتبر الواي ماكس تقنية المستقبل؛ حيث تتجاوز قدرة بثها اللاسلكية 50 كم، ويمكن لهذه التقنية أن تكون بديلاً لتقنية الـ DSL المستعملة في المنازل للدخول إلى شبكة المعلومات. وتعمل تقنية الواي ماكس بسرعة أكبر بكثير من الوايرلس، وتغطي مساحات أكبر ومسافات أطول، وينبغي على الدعاة بحث الاستفادة من هذه التقنية الجديدة؛ حيث إن الشـركات المقدِّمة للخدمة تنظر لطلبات المجتمع نظـرة تجـارية، بينما يبقى الكثير منا ينتـظر ما تجلبه هذه التقنيات من بلاء ليفكر بعد ذلك في الاستفادة منها! فلِمَ لا نكون نحن المبادرين، فنبحث مع المتخصصين عن وسائل الاستفادة من هذه التقنية الوليدة دعوياً، ثم نطلب تقديم هذه الخدمة من الشركة المقدمة لها بالصورة التي نريدها؟
رابعاً(17): Ultra-Wideband أو UWB :
عالم الاتصالات لم يسمع بهذه التقنية، على الرغم من أنها موجودة منذ زمن؛ لأن الجيش الأمريكي كان يحتكر استخدام هذه التقنية لأغراض عسكرية. وفي فبراير 2002م، أعلنت هيئة الاتصالات الفدرالية الأمريكية السماح بالتطبيقات التجارية لتكنولوجيا UWB بشكل محدود لتبث في هذه التقنية روحاً جديدة. وتتميز هذه التقنية بأنها تحل الكثير من المشاكل ونقاط الضعف التي تعانيها تقنية الـ Wi-Fi، كما أنها تتميز بدرجة الأمان والسرية العالية التي تمنع تسرب المعلومات في نطاقات الاستخدام. ومن المبكر الحديث عن تطبيقات دعوية لهذه التقنية؛ حيث إنها ما تزال في بداياتها، وتكلفتُها عالية.
وعموماً، فالـقـول الشـائع لـدى مستشاري الاتصالات أن تقنية الـ Wi-Fi ستنجح في حالة زبائن «الانحناء للأمام» (أي مستخدمي الحاسوب)، بينما ستنجح الـ UWB مع زبائن «الانحـناء للخلف» (أي مشاهدي التلفزيون ومستخدمي أجـهزة الـترفـيـه المنزلي). وبناء عليه؛ فستدعم هذه التقنية فكرة القـنوات الـتلفزيونية المحلية التي تحدثت عنها آنفاً.
أخيراً:
إن هذه التقنيات تبدو مذهلة، وستغير وجه العالم مستقبلاً. والأنظمة السياسية تنظر إليها بعين الترقب والحذر، مع أنه يصعب عليها التحكم فيها مستقبلاً؛ لأنها تتطور بشكل أسرع من قدرات تلك الأنظمة على متابعتها، إضافة إلى تعلق مصالح الشركات العالمية بتطورها وانتشارها. إن من أبرز مظاهر العولمة نموَّ صلاحيات الشركات العالمية الكبرى على حساب سيطرة الدول والحكومات على شعوبها، وهذه القضية - وإن كنا لا نرتضيها - غير أنها واقع يفرض نفسه يوماً بعد يوم. فينبغي علينا نحن الدعاة أن نتعامل وفق هذا الواقع، ونستثمر أفضل معطياته، ونتجنب ما نستطيع من مشكلاته.
8- مراكز الدراسات والبحوث:
تعاني البلدان الإسلامية فقراً في مراكز الدراسات والبحوث المتخصصة، ولا تلاقي اهتماماً كبيراً من الدعاة والعلماء، مع أهميتها القصوى وفائدتها الكبيرة. ويمكن توضيح أهميتها في النقاط التالية:
- تساعد هذه المراكز على تطوير العمل الدعوي والتربوي خاصة، وفي تطوير المجتمع عامة.
- من خلال البحوث العلمية المحكَّمة؛ ستساهم هذه المراكز في حل المشكلات التي تواجهها المجتمعات الإسلامية بصورة علمية معتبرة. وستقطع الطريق على من يصطادون في الماء العكر ويستغلون مثل هذه المراكز لترويج البضاعة الغربية.
- تسهم هذه المراكز في صناعة الرأي العام، وتوجيه الجماهير، ولا سيما إذا دُعِمت من وسائل الإعلام.
- تعد مراكز الدراسات في الولايات المتحدة إحدى المؤثرات الرئيسة في رسم السياسة الأمريكية[18].
وثمة تجارب ناجحة ومتميزة في هذا الباب، غير أن عددها دون المطلوب بكثير. كما أننا نحتاج إلى تطوير الحس البحثي بضوابطه وأطُرِه العامة المتعارف عليها عند العلماء والباحثين.
9- التدريب:
ثقافة التدريب في مجتمعاتنا ما تزال في نشأتها، غير أن المتوقع هو زيادة وعي المجتمع بها وأهميتها والإقبال عليها. ويتميز التدريب عن المحاضرات والدروس بتعليم المهارة (العملية) والتدريب على ممارستها بعد التمهيد النظري لها. كما يتميز بطول فترة الطرح، مما يتيح فرصة لترسيخ المفاهيم بشكل أكبر، إضافة إلى كون البرامج التدريبية توفر بيئةً للتفاعل الثنائي بين المدرب والمتدرب. وحيث إن ثقافة (التدريب) ثقافة ناشئة؛ كان لا بد من استثمارها الاستثمار الأمثل، فالفكرة التي أريد أن أوضحها من خلال درس أو محاضرة يمكنني أن أنشرها من خلال برنامج تدريبي. ولكي نحافظ على مكتسباتنا في التدريب وتكون هذه الوسيلة ناجحة ومفيدة؛ أحب أن أسجل النقاط التالية:
- التـدريب فـن لـه أصـوله، وجـودة الإلقـاء وحـدهـا لا تكفـي لدخـول هذا المضمـار. ولضمان كسب ثقة الناس في برامجنا التدريبية؛ ينبغي أن نُعِدّ المدربين إعداداً جيداً.
- للبرامج التدريبية عنصران أساسيان: مهارات المدرب، ومحتوى المادة التدريبية. وفي الساحة عدد من المدربين يحرصون على الإمتاع وعلى الإبهار أكثرَ من حرصهم على المحتوى. أما المدرب الداعية؛ فهو صاحب رسالة يهدف إلى فائدة المتدرب من خلال الاستعداد العلمي والفني والنفسي للبرنامج.
- أغـلب البرامـج التدريبية (غربية النشأة) ليست إلا ترجمة عملية لأطروحات مدارس علم النفس الغربي، وعدد من المدربين يتلقى هذه البرامج ويُدرِّب عليها دون أن يمحصها. والأسوأ من هذا أن يبحث في نصوص الوحيين عمّا يسندها؛ ظاناً أنه بهذا يؤصِّلها ويوجهها توجيهاً إسلامياً! والمفترض في من تصدى لهذا الباب أن يكون الوحي هو المهيمن على فكره والقائد له؛ فالأصل أولوية الوحي على الفكر وهيمنته عليه، فيتشكل الفكر بناء على الوحي لا العكس.
خاتمة:
هذه البرامج والمشروعات - وإن كانت في جملتها تتطلب رؤوس أموال كبيرة نسبياً - غير أنها تُعَدُّ مشروعات استثمارية على المدى البعيد، وبخاصة المتميز منها والناجح؛ فهي بمثابة أوقاف دعوية استثمارية لا تقل شأناً عن بعض المشروعات الوقفية التي اعتاد الناس عليها.أرجو أن تكون هذه المقالة قد ساهمت في زيادة وعي الدعاة من خلال التنبيه إلى أهمية الوسائل الجماهيرية القديمة والجديدة، والله الموفق.
=====
[6] الجوانب الثلاث مستفادة من د. نور الدين عبد الجواد في معرض حديثه عن تقويم التعلـيم الابتـدائي في المملكة. انظـر: نظـام التعلـيم في المملكة العربية السعودية، لعبد العزيز سنبل وآخرين، ص 171.
[7] انظـر: مجلة البيان، العدد 134، مـقال: (دور الإعـلام في الصـراع بين الإسلام والعلمانية في تركيا) د. مالك الأحمد.
[8] كلمة بلوتوث تعني «الناب» الأزرق، نسبة إلى موحد الدنمارك والنرويج الملك «هيرالد بلوتوث»؛ حيث إن أشهر الدول المصنعة لهذه التقنية هي من الدول الإسكندنافية.
[9] شركة نوكيا تعمل الآن على تطوير تقنية الوبري (Wipree)، وهي تقنية ستحل محل البلوتوث قريباً، وستكون أرخص وأسرع وأقل استهلاكاً للبطارية، وسيكون الوبري قادراً على التعامل مع أجهزة البلوتوث، وليس العكس.
[10] البلورة الزرقاء عبارة عن جهاز (سيرفر) يوفر تقنية بلوتوث مركزيه تتفاعل بتناسق مع الأجهزة السلكية واللاسلكية الأخرى http://www.blue-orbs.com
[11] تعد هذه المسافة متواضعة، لكن من المتوقع صدور أجهزة تدعم البث لمسافات أبعد.
[12] الوايرلس (Wireless )، والواي لان (way lan)، والواي فاي (Wi Fi)؛ كلُّها لها العمل والمعنى نفسه.
[13] الإنترانت (Intranet): هي شبكة داخلية تقوم بإنشائها المؤسسات والجهات على اختلاف أحجامها، هذه الشبكة تستعمل بروتوكولات إنترنت مثل HTTP وFTP، وتستخدم خدمات إنترنت مثل البريد الإلكتروني. ولا يستطيع أي شخص من خارج المؤسسة أن يدخل لها. ومحتويات هذه الشبكة تحددها المؤسسة، ولا تحتاج هذه الشبكة سوى متصفح لتصفح محتوياتها واستخدام خدماتها، وهذا يجعل التعامل معها عملية سهلة على الجميع. (المصدر/ موسوعة ويكيبيديا).
[14] مستقبلاً؛ ستنتشر الإنترنت بخدمة (DSL) و (WiMax) في المنازل، وهذا سيقلل من طلب أفراد الحي للإنترنت من شبكة الحي، لكن يمكن أن تتميز شبكة الحي بعرض الإنترنت النقية ومحددة الساعات, وخاصة للأبناء.
[15] ومستقبلاً : يمكن أن يستفاد من الشركات المقدمة لخدمة الواي ماكس(WiMax).
[16] واي ماكس WiMax: هي اختصار للكلمات Worldwide Interoperability for Microwave Access، ومعناها: التشغيل التداخلي عن طريق الموجات القصيرة التي تستعمل في تقنية الهاتف النقال عبر العالم.
[17] http://www.etesal.com/section/full_story.cfm?aid=51&ino=1.
[18] انظر مقال: (أثر المراكز الفكرية على السياسة الخارجية الأمريكية)، د. باسم خفاجي. مجلة البيان، العدد 129؛ ومقال: (قراءة في كتاب: صناعة القرار السياسي الأمريكي)، عرض حسن الرشيدي. مجلة البيان، العدد 144.


الكــاتــب

هناك تعليقان (2):

أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة الباقي