الخلاف في هذه المسألة قوي جداً، والمشهور من المذهب - وهو قول الإمام مالك - أن الدِّباغ لايُطَهِّر جِلد الميتة. وقد ورَد في الدباغ أحاديث من أحسنها:
1) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ فَمَاتَتْ فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (هَلا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ) فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ! فَقَالَ: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا). [صحيح مسلم 2/278] هذا لفظ مسلم ، ولم يقل البخاري في شيء من طرقه : " فدبغتموه " [التلخيص الحبير1/78].
2) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ) [صحيح مسلم2/283] ورواه أهل السُّنَن بلفظ (أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ) قال النضر بن شميل: إنما يقال الإهاب لجلد ما يؤكل لحمه. [سنن الترمذي6/338]
3) عَنْ عَائِشَةَ رضِي اللهُ عَنهَا مَرْفُوعًا (طَهُورُ كُلِّ أَدِيمٍ دِبَاغُهُ) أخرجه الدارقطني والبيهقي بإسناد حسن [نصب الراية 1/230].
هذه الأحاديث بمجموعها تدلُّ على أن الدِّباغَ يُطَهِّر، لكن هل هذا خاصٌّ بمأكول اللحم أو في كل حيوانٍ طاهرٍ في الحياة؟ روايتان عن الإمام أحمد، والمشهور عن ابن تيمية وابن القيم أنَّهُ لايَطهرُ إلا مأكول اللحم، أي أنَّ الدباغ يحلُّ محلَّ الذكاة. ويستدلِّون بحديث (دِبَاغُهَا ذَكَاتُهَا) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وابن حبان بإسناد صحيح [التلخيص الحبير 1/85، صحيح وضعيف سنن النسائي 9/315] وحديث (نَهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا) رواه أهل السُّنَن وغيرهم عن المقداد وصححه الألباني [السلسلة الصحيحة 3/85]. وثمة قول رابع أن الدباغ يطهِّر كُلّ جِلدٍ ويُنهى عن جلود السباع.
فصارت الأقوال التي ذكرناها هنا أربعة:
1) أن الدباغ لايُطهّر جلد الميتة.
2) أن الدباغ يُطهِّر جلد الميتة.
3) أن الدباغ يُطهِّر جلد الميتة التي يؤكَلُ لحمها.
4) أن الدباغ يطهِّر كُلّ جِلدٍ وينهى عن جلود السباع.
وهنا يجدُرُ التنبيه إلى استخدام ما يُسمَّى بالجاعد في السيارات ونحوها والفرو في الملابس النسائية والفُرُش، فإذا كان جِلداً طبيعيا لسَبعٍ فلا يجوز استخدامه أو الجلوس عليه لورود النهي عن ذلك.
ليست هناك تعليقات:
أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال