مساحة اعلانية

موضوع عشوائي

آخر المواضيع

فقه الطهارة المُيسَّر (11)

التيمم
تعريفه: 
التيمم لغة: القصد، ومنه (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) [البقرة : 267]. 
اصطلاحاً: قصدُ الصعيد الطيب بنية مخصوصة لمسح الوجه واليدين. 

مشروعيته: ضبط كاملدلَّ على مشروعية التيمم الكتابُ والسنة والإجماع، وهو من خصائص هذه الأمة لحديث جابر بن عبدالله المتفق عليه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» . [صحيح البخاري1/91، صحيح مسلم 2/63] 

صفته: 
أصح ماورد في صفة التيمم حديثان: 
الأول: حديث عمَّار المتفق عليه قال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا، فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ» [صحيح البخاري1/96، صحيح مسلم 1/192]. 
الآخر: حديث أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: «أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ» [صحيح البخاري1/92]. 
- هل يزيد عن الضربة وعن حدود الكفين والوجه؟ 
لايزيد، وإن زاد فالأمر فيه سعة لورود بعض ذلك عن الصحابة. شروط التيمم: 
(1) النية: أي ينوي التيمم ويقصده، لأن العبادة لاتصح بدون النية. 
(2) أن يكون بصعيد طاهر غير نجس: يدلُّ عليه قوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [النساء : 43] والصعيد هو كل ما على وجه الأرض كالتراب والحصى والرمل، ولحديث «وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» [تقدم تخريجه]. 
(3) تعذُّر استعمال الماء: إما لعدمه أو لسبب آخر، للآية (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [النساء : 43] ولحديث أبي ذر قال: إِنِّى اجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بِذَوْدٍ وَبِغَنَمٍ فَقَالَ لِى: «اشْرَبْ مِنْ أَلْبَانِهَا». فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَكُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ الْمَاءِ، وَمَعِى أَهْلِى فَتُصِيبُنِى الْجَنَابَةُ، فَأُصَلِّى بِغَيْرِ طُهُورٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بِنِصْفِ النَّهَارِ وَهُوَ فِى رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُوَ فِى ظِلِّ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: «أَبُو ذَرٍّ» فَقُلْتُ: نَعَمْ هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟!»، قُلْتُ: إِنِّى كُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ الْمَاءِ وَمَعِى أَهْلِى فَتُصِيبُنِى الْجَنَابَةُ فَأُصَلِّى بِغَيْرِ طُهُورٍ، فَأَمَرَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بِمَاءٍ فَجَاءَتْ بِهِ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ بِعُسٍّ يَتَخَضْخَضُ مَا هُوَ بِمَلآنَ فَتَسَتَّرْتُ إِلَى بَعِيرِى، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ وَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ» رواه أهل السنن وصححه أبو حاتم وابن حجر[سنن أبي داود1/130، تلخيص الحبير 1/408]. وكذا لو خاف الضررَ باستعماله لمرضٍ أو بردٍ شديد لقوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا). [المائدة : 6] ولحديث صاحب الشجة الذي رواه جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِى سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِى رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِى رُخْصَةً فِى التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ ويَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ » أخرجه أبوداود وصححه عدد من أهل العلم [سنن أبي داود1/132، السلسة الصحيحة 6/489]. أما البرد الشديد فيدل عليه حديث عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: احْتَلَمْتُ فِى لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِى غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِى الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فَقَالَ: «يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟!». فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِى مَنَعَنِى مِنَ الاِغْتِسَالِ وَقُلْتُ: إِنِّى سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. [سنن أبي داود1/132]. وكذا لو خاف على نفسه أو رفيقه أو بهيمته العطشَ، أو تعذَّر إلا بثمنٍ كثيرٍ جداً؛ فيُشرَع له التيمم. 
- إن أمكنه استعمال الماء في بعض بدنه ، أو وجَدَ ماءً لايكفي لطهارته كلها استعمَلَهُ قدر طاقته، فيبدأ بمواضع الوضوء مرتبة، ويتيمم لما لا يمكنه غسله بالماء لقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن : 16]. 
- إذا كان عليه حدثٌ أكبر وحدَثٌ أصغر ونجاسة في غير السبيلين، وليس عنده ماءٌ كافٍ! فماذا يفعل؟ الراجح أنه يبدأ بإزالة النجاسة لأنها لا يجزؤ عنها التيمم بخلاف رفع الحدث. 
- هل يُشتَرط لصحة التيمم دخولُ الوقت؟ لايشترط على القول الصحيح. 

مبطلات التيمم: 
(1) مبطلات الوضوء، لأنه بديل عنه. 
(2) القدرة على استعمال الماء، لحديث «إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ وَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ» [تقدم تخريجه]، ولأنه انتقل إلى التيمم بسبب تعذر استخدام الماء فإذا قدر على استخدامه وجب عليه الوضوء. 
- هل يلزمه تأخير الصلاة طمعاً في حصوله على الماء؟ لايلزمه ذلك. 
- لو وجد الماء أثناء الصلاة ما ذا يفعل؟ قيل إنه يُتِمّ صلاته ولا يقطعها، لأنه شَرَعَ في الصلاة كما أُمِر ولا دليل على وجوب قطعها، وقيل: إنه يجبُ عليه قطعها لأنه وجب عليه استخدام الماء في تلك الحال فبطل تيممه، وهذا القول أقرب، والله أعلم بالصواب. 
- إذا وجَدَ الماء فهل يرتفعُ حدثه السابق أم يعود إليه الحدث؟ الصواب أنه يعود إليه الحدث، فإذا تيمم للجنابة أياماً، ثم وجد الماءَ؛ وجَب عليه الغُسل لحديث أبي ذر السابق. 

وللحديث صلة..

الكــاتــب

هناك تعليقان (2):

  1. لله درك أخي إبراهيم!
    أحسن الله إليك كما أحسنت إلى هذه الصفحات المباركة، عافاك الله و أتابك جزيل التواب.
    ما أحوجنا إلى مواضيع بهذا الوضوح و اليسر الذي يأسر القارئ فيوقظ فيه الرغبة و يشعل لهيب الفضول المحمود، فما إن أشرع في تلاوة أحد مواضيعك حتى أجدني أشارف على نهايته ثم لا لاألبث أن أتلو آخر.
    صدقا لقد أصبحت مدونتك هذه مرجعا معرفيا و تربويا تعينني على أعمال الفصل و نبات النشء الصغار.
    تقبل كامل تقديري و خالص إعجابي و احترامي.
    أخوك محمد.

    ردحذف
  2. أخي الفاضل محمد ..
    شرف لي أن يدلف أمثالك في (الباقي)، وتزكيتك للمدونة أمر أفرح به كثيرا وإن كنت لاأستحقه..

    ولا أنسى - أبداً - أنك صاحب الفضل في بناء هذه المدونة وتنسيقها..

    فلله الحمد والثناء
    ثم..
    لك أجزل الشكر، وأصدق المحبة..

    ردحذف

أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة الباقي